الجمعة، 22 أكتوبر 2010

تكست - العدد السابع: المجتمع مصدر الالهام




أوراق للريح ..

المجتمع مصدر الإلهام ..

* أ.د.مجيد حميد جاسم


المجتمع هو مصدر الإلهام لأي أديب لاسيما إن الأديب الحقيقي هو أبن المجتمع يعرف مشكلاته ويدرك هواجس أبنائه ويخبر همومهم وتطلعاتهم . وان الأديب يكتب ما يكتب شعراً أو قصة أو رواية انما ليعبر عن هذه المشكلات وتلك الهواجس كونه يسعى للتغيير الايجابي في تفكير ابناء المجتمع وصولاً بالنتيجة لتغيير المجتمع وان على نحو غير مباشر ..



إذا ما آمنا بصدق وثقة بأهمية الثقافة والمعرفة ودور المثقفين في تغيير المجتمع وصنع الثورات على كل المستويات بدءاً بالثقافة والسعي في إرساء رؤى للتغيير وقوى تقود طلائع المجتمع في أحداثه , صار من الممكن حتماً ان تكن هناك قوى بالفعل قادرة على تبني هذا التغيير المنشود والتعاطي معه والسعي على إرساء بناه المطلوبة وتديمه ليصير حقيقة معاشة..



اذن المجتمع هو نفسه الذي يلهم الروائي والشاعر والفنان والقاص ليبدع ما يبدعه من أجل ذلك المجتمع وذلك نتيجة لوعي ذلك الأديب المثقف في أهمية الاشارة الى ذلك التغيير لانه بات ضرورة ملحة في صنع الثورة الثقافية..



وقد التفت الكثير من الروائيين والقصاصين الى هذه الحقيقة فتناولوا دقائق المجتمع الذي يحيون في كنفه وتناولوا المحلة والشارع والحارة وأجادوا في نقل وقائع الحياة فيها أيما أجادة . والامثلة على هذا الرأي كثيرة . فلقد نجح الروائي المصري الراحل نجيب محفوظ في تناول الحارة المصرية ونقل تفاصيل الحياة فيها ورسم شخوصها على أحسن ما يكون الوصف في مختلف أعماله , حتى صار من الممكن تخيل شخوص رواياته – من خلال الوصف – وكأنك تعيش في الحارة المصرية ونقل حياة الفتوات في المجتمع المصري التي كانت سائدة ابان الفترة الماضية وعبر كذلك عن الانتقالة في المجتمع المصري من عهد ساد فيه الفتوات الى العصر الحديث نسبياً . وأتضحت هذه الرؤية كما في روايته (الحرافيش ) ورواياته الاخرى مثل (خان الخليلي) و(السمّان والخريف ) وكذلك فعل قبله الروائي محمد عبد الحليم عبد الله والدكتور يوسف إدريس كما في (النداهة ) و (أرخص ليال) والروائي جمال الغيطاني والروائي يوسف القعيد ..



وفي العراق فعل الروائي العراقي الراحل غائب طعمة فرمان كما في روايته (النخلة والجيران ) . وكذلك الروائي الراحل فؤاد التكرلي كما في روايته ذائعة الصيت (الرجع البعيد ) . وكان قبل ذلك قد فعل قبلهما عبد الحق فاضل وعبد المجيد لطفي وذو النون أيوب . وفي الوقت الحاضر فعل ذلك محمد خضير و محمود عبد الوهاب وقصي الخفاجي كما في مجموعته القصصية الخطيرة (الأوديبي ) وبعض قصصه المنشورة في الصحف المحلية . ونجح أيضا في ذلك عبد الستار ناصر ومحمد سهيل أحمد و ودود حميد ومجيد جاسم العلي وعلي عباس خفيف وعبد الصمد حسن وآخرون ..


اذا بوسع المجتمع أن يكون خير ملهم ودافع للكتابة والابداع لو أحسن الأديب صياغة حواراته ورسم شخصياته وأجاد في التعبير عن هموم المجتمع وهواجسه وآماله وأفكاره وطموحاته ليعبر خير تعبير عن الحب والحزن والفرح والأمل والألم والفجيعة والحرب والشجاعة والمأساة والفقدان والسعادة . أليست هذه كلها مقومات حياتنا مذ فتحنا عيوننا على الحياة وسرنا في دروبها وتهنا في شعابها ومفازاتها وحتى ساعتنا هذه..؟


نعم إنها كذلك تتناوب علينا فتفرحنا حيناً وتسحقنا حيناً وتؤرقنا بالوجع والهموم وتشتعل في دواخلنا بالألم والعذاب حيناً وترتسم على قسماتنا حباً وأملاً وسعادة حيناً آخر . أنها حياتنا وليس لنا سواها يلمحها إيانا المجتمع عبر أدبائه المثقفين البارعين بلغة مسبوكة رفيعة شعراً ورواية وقصة وفناً وسرداً بعد أن نخبرها وجعاً وفقداناً وأسى .. ولكن السؤال الذي لا بد أن نسأله ونحن نتحدث عن الابداع الادبي هو أين هي مكانة الرواية العراقية في خارطة الابداع الروائي العربي ..؟ ومن ثم أين هي في المنجز الروائي العالمي ..؟ والسؤال المهم الآخر أين هي الرواية الشبابية العراقية الأن ..؟



*أكاديمي عراقي




العـــــــــودة للصفحـــة الرئيســــة – العــدد السابع

هناك تعليق واحد:

  1. السلام عليكم احسنت استاذي العزيز, والمقال اكثر من رائع نشكركم عل الجهد المبذول ونتمنئ لكم التوفيق والنجاح.طالبه من طلابك.

    ردحذف