الجمعة، 22 أكتوبر 2010

تكست - العدد السابع: ثرثرة العاشق الذهنية - كتب مقداد مسعود

ثرثرة العاشق الذهنية

*مقداد مسعود

*الثرثرة تعني:فيض كلام يحاجج من خلاله العاشق ،دون كلل،في رأسه،مفاعيل جرح أو نتائج سلوك.

رولان بارت/ص151/من كتاب

شذرات من خطاب في العشق

-1-

من لي ببرودة الحياد ،حين تكون الكتابة عن نتاج صديق حميم ،رافقت نصوصه،وهو يفكرها ثم وهو يأتمنني عليها مخطوطة بخطه ألأنيق،الواعي لشروط وجمالية الخط العربي ،

كان ذلك منذ ثمانينيات القرن الماضي ..التقيه مصادفة أو اقصده حيث يكدح في مكاتب المقاولين ...ويكون ذلك مع انتهاء دوامه المرهق ،يعرض علي سردياته،أو يقرأ قصائده ،وإذا كان الرجل هو ألأسلوب فأن صديقي أفضل من يبرهن على مقولة مولاي ابن عربي(ألاسم سلم إلى المسمى)،فهو عذب كالفرات وللادخار كحجر كريم نادر جدا.وتلمس عذوبة حضوره في نصوصه القصصية والشعرية..تجده في نصوصه قلقا على لغته لذا يسعى لتخليصها من كافة الزوائد ،شخصيا أراه من أكثر ألأدباء حبا للاختزال فهو بعد أن يحصي مزايا الحبيبة في قصيدة (وضوح): يمرحل ألاختزال بشفافية شعرية عالية ..وسنعمد إلى ترقيم مزاياها:

1-أقول سنابل القمح....وأقصد شعرك

2-أرسم بئرين من عسل...وأقصد عينيك

3-أتحدث عن الرطب البرحي بينما أقصد كلماتك

4- ألملح العصافير...أتذكر صوتك

5- أشير إلى البحر حين أشير إلى قلبك.

ثم تنتقل سيرورة القصيدة إلى الجهة المقابلة

إلى الذكر المصطلي في نارها:

1-أقول الجمر ...وأقصد قلبي

2- أقول الرماد وأقصد قلبي أيضا

ثم تعود القصيدة إلى المحور ألأول/العاشقة:

(1-هكذا سأكشف أوراقي كصندوق قديم،

لتعرفي أن القصيدة)،هنا ستكتفي القصيدة بتعريفات في منتهى الاختزال /تتحول فيها الحبيبة إلى ثريا علاماتية رائعة،حيث تدور العلامات كعجلة حرة

2- (القصيدة:أنت3-الحديقة :أنت 4-ألأغنية 5-الصلاة6-البيت7-المسافة 8- ألأراجيح 9- النهر 10-الطفولة)

ثمة محور رابع،تعلن فيه القصيدة إن حتى هذه الثريا من المعادل الموضوعي لاتفي بالغرض، وثمة فعل اختزال هو القوة الدافعة والمغذي الكهربائي لسلك هذه القصيدة الممتعة،النابضة بالروح المرحة التي تسكن الشاعر فرات صالح:

(ولتعرفي أني لوشئت..أبدلت القصيدة

بكلمة واحدة دافئة وحميمة: أحبك ).

-3-

كقارئ ألاحظ ،إن القصيدة تشتغل على التشفير

إذ، إن الحمولة الشعرية:حمولة مشفرة ،وحسب روبرت شولز (أن الكلمات المكتوبة على الصفحة لاتشكل،عملا شعريا مكتملا ومكتفيا بذاته،بل تشكل نصا أو مخططا أو أطار عاما لاكتمل ألأ بمشاركة فعالة من قارئ مطلع على نوع من المعلومات الصحيحة/ص74).

وهذا لايعني إنني قارئ المعلومات الصحيحة،

بل أنا محض قارئ منتج أو أحاول إعادة إنتاج القصيدة،عبر قراءتي ،التي تعي لا المؤلف ولا القارئ ،بأحرار في توليد المعنى...تتخللهما شفرات تتيح لهما المغامرات ألاتصالية،ضمن شبكة من الشفرات تتيح للعلامات في القصيدة ،أن تقرأ كنص معين

-4-

تشتغل قصيدة(وضوح)للشاعر فرات صالح،على بث حزمة شفرات ،ثم تشتغل ثانية على تفكيك الشفرة،لكن الشفرات وتفكيكها،تصل عبر وسيط (الحبيبة)،وليس مباشرة لنا كقراء،

وفي مستواها الثاني،تفكيك الشفرة يكشف إن المرسل إليه (الحبيبة)،دون مستوى رسالة الحبيب،وألا لأبقى الشفرات عذراوات،

وستكتب القصيدة بالطريقة التالية:

أقول سنابل القمح

أرسم بئرين من عسل

أتحدث عن الرطب البرحي

ألمح العصافير

أشير إلى البحر

أقول الجمر

أقول الرماد .

-5-

في مثل هذه القصيدة لدينا،جمل منضدة لا رابط بينها وليس هناك ما يحد من إكثار نسل هذه الجمل العائمة....

اذن القصيدة مؤثثة على أتصالية التضاد بين العاشق والمعشوقة ،وهو تضاد ،يتمظهر في الوعي اللغوي،ومن خلال هذا التمظهر نكتشف أختلاف في منسوب الوعي عند العاشقين ،فالعاشق يرسل شفرة شفيفة

*(أقول سنابل القمح) ثم يسارع الى فك الشفرة(وأقصد شعرك)

ويستمر في تفكيك الشفرة ،ليعلن بعد ذلك

(هكذا سأكشف أوراقي كصندوق قديم).

قدم الصندوق:دلالة ذات ايحاءات لذيذة ،تستدعي القارئ،هل اضيف القارئة؟لتشغيل مخيال استجابة التلقي.

-6-

ماالذي يمنع العاشق ،من المجاهرة وجعل الفعل

(أحبك)..في بداية القصيدة؟ ليس الخجل البصري،وحده ، بل تومئ القصيدة الى ثمة عطل يعتور العلاقة بين العاشق والمعشوقة ،جعل سلك ألاتصال :ضعيف التوصيل .

نلاحظ ان القصيدة ،ذات صوت ذكوري،

ليس هناك حوار بين عاشقين ،لا تراسل،بل هي رسالة مرسلة من ذكر/عاشق الى انثى/ معشوقة

ليس هناك تماثل في وجهات النظر،وليس هناك ما يكشف عن(أختلاف في وجهات النظر)،كما هو حاصل في قصيدة بهذا ألأسم. كذلك ليس هناك ما يكشف عن برهان للعسل،كما نلمس ذلك في قصيدة (سيدة)،او محض امرأة ،صنعتها المخيلة،قصيدة(أحتلام)..

*ثريا القصيدة:

يشتق الشاعر فرات صالح ،ثريا القصيدة من تفكيكه لشفراتها شعريا..ليفند غموضا أو إغماضا

عشقيا .

وضوح

أقول سنابل القمح.... وأقصد شعرك

أرسم بئرين من عسل ... وأقصد عينيك

أتحدث عن الرطب البرحي بينما أعني كلماتك

ألمح العصافير ... أتذكر صوتك

أشير إلى البحر حين أشير إلى قلبك

أقول الجمر .. وأقصد قلبي

أقول الرماد وأقصد قلبي أيضا

هكذا سأكشف أوراقي كصندوق قديم

لتعرفي أن الفصيدة :أنت

الحديقة : أنت

الأغنية / الصلاة / البيت

المسافة /الأراجيح / النهر /الطفولة

ولتعرفي أنني لو شئت .. أبدلت هذه القصيدة

بكلمة واحدة

دافئة وحميمة : أحبكِ

العـــــــــودة للصفحـــة الرئيســــة – العــدد السابع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق